احتفالاً بانتهاء شهر رمضان، نشر ناشط سياسي أمريكي بارز من أصل ليبي مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين تهنئة بمناسبة عيد الفطر على صفحته بفيسبوك، وتضمنت التهنئة ثلاثة جهاديين معروفين بالعنف.
نشر عصام عُميش البوستر مُتضَمِّنًا صورته الشخصية إلى جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وثلاثة جهاديين قتلوا في معارك خلال العام الماضي.
تقول الكتابة في البوستر: "تقبَّل الله طاعتكم. كل عام وأنتم بخير"
باستخدام محرك جوجل للبحث عن الصور اتضح أن الجهاديين القتلى هم:
- توفيق الزدام عضو سابق في مجلس شورى ثوار بنغازي الذي ارتبط بمقتل السفير كريستوفر ستيفنز عام 2012، كما حارب أيضًا ضمن تحالف فجر ليبيا الجهادي في عام 2014 عندما أطاح بمجلس النواب الليبي المنتخب.
- محمود بعيو وشهرته "شريخان" مؤسس وقائد كتيبة شهداء أماطين في مصراتة. اشتركت وحدته في مجزرة في طرابلس عام 2013 راح ضحيتها 50 شخصًا، وكان محمود مُنخرطًا في التهريب غير الشرعي ومُشتركًا في ائتلاف مليشيا فجر ليبيا الإسلامي، وقد أسس بعيو الكتيبة عام 2011.
- نور الدين النعاس، عضو المجلس العسكري لثوار الزنتان، الذي يرتبط قادته بالجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا (LIFG) التابعة لتنظيم القاعدة المنحل، وقد بايعزعيمها، أسامة الجويلي، زعيم الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا، عبد الحكيم بلحاج.
أنكر عُميش معرفته بالجهات بالمتصلة بالجهاديين الذين ظهروا في البوستر، وقال في بيان عبر البريد الإلكتروني: "البوستر (الذي حذفته منذ ذلك الحين) هو تجميع لصور مقاتلين مشهورين ماتوا وهم يدافعون عن العاصمة الليبية 'طرابلس' مسقط رأسي"، وأضاف "إنهم أعضاء في القوات المقاتلة الخاضعة لقيادة الجيش الليبي، التابع لحكومة الوفاق الوطني الشرعية المعترف بها دوليًا، بقيادة رئيس الوزراء والقائد الأعلى السيد فايز السراج".
لم يشرح عُميش سبب حذفه للمنشور، ولا سبب اختياره سهوًا - من بين كل المقاتلين في صفوف الجيش الليبي - صورًا لثلاثة جهاديين.
وقد نشر عُميش رسالة علنية إلى الرئيس باراك أوباما في فبراير 2016 يطلب فيها دعم المجلس الثوري لدرنة، ووصفه في الرسالة بأنه "تحالف من الإسلاميين المعتدلين وقادة المجالس المحلية."
غير أنه في نفس العام، نشر أبو البراء الأزدي، الناشط في تنظيم القاعدة، مقالاً عن ليبيا على شبكة الإنترنت، كتب فيه عن مجلس شورى درنة أنه "جاء من أقدم جماعة مجاهدين، ألا وهي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي."
زعم عُميش كذلك في بيانه أنه يرفض التطرف العنيف، إلَّا أن ما ورد على لسانه [في أكثر من مناسبة] يضع هذا الإنكار موضع تساؤل، إذ دعا المسلمين علانيةً إلى الجهاد من أجل "تحرير" فلسطين، بما في ذلك أثناء مظاهرة عام 2000 خارج البيت الأبيض، صورها بالفيديو المشروع الاستقصائي حول الإرهاب (IPT)، حيث أشاد بالفلسطينيين لإدراكهم بأن "طريق الجهاد هو الطريق لتحرير أرضكم".
وقد أُجْبِرَ على الاستقالة من لجنة الهجرة بولاية فرجينيا في عام 2007 بعد أن نشر المشروع الاستقصائي حول الإرهاب (IPT) مقطع فيديو للخطاب.
وفي عام 2004، نعى عُميش"حبيبنا الشيخ أحمد ياسين" - مؤسس حماس- بعد أن قتلته إسرائيل لدوره في تنظيم عمليات إرهابية داخل أراضيها، كما يتعارض وجود أردوغان في الملصق التجميعي للعيد مع جزء آخر من بيان عُميش، الذي أعرب فيه عن رغبته في "حكومة توافق مدنية منتخبة ديمقراطيًّا وسلميًّا في ليبيا"؛ حيث تسجنتركيا المعارضين السياسيين وتعذبهم تحت حكم أردوغان، ولديها ما لا يمكن تسميته صحافة حرة، وهي سياسات لا يمكن أن تكون نموذجًا لـ "حكومة توافق".
لكن أردوغان يدعم الإخوان المسلمين وقام بتدريب الجهاديين في سوريا وليبيا وإمدادهم.
كتب عُميش على فيسبوك بعد إعادة انتخاب أردوغان عام 2018 "الجمهورية التركية الثانية تولد اليوم لتشكل امتدادًا للخلافة العثمانية العريقة وتدفن الجمهورية الأولى العلمانية المنسلخة من جذورها وتاريخها المجيد. نظام رئاسي جديد يترجم الدستور التركي المعدل بتأييد شعبي ديمقراطي، ويؤسس لحكم رشيد ينهض بتركيا دولة قوية مهابة بزعامة فريدة تاريخية لحقبة كاملة -إن شاء الله- تربط الماضي التليد بالمستقبل الواعد."
علاقات عُميش مع الإخوان المسلمين عميقة، إذ شغل منصب رئيس الجمعية الإسلامية الأمريكية (MAS)، "الذراع العلنية" لجماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة.
بعد تسع سنوات من سقوط الديكتاتور معمر القذافي، لا تزال الحكومة الليبية في حالة عدم استقرار، إذ يسيطر الإخوان المسلمون على جزء من البلاد ويقاتلون للحفاظ على السلطة.
رفضت جماعة الإخوان والجهاديون المتحالفون معها قبول نتائج انتخابات 2014. وبدلاً من ذلك، طردت ميليشيا فجر ليبيا مجلس النواب من طرابلس ونفته إلى طبرق.
أدَّت اتفاقية المصالحة عبر وساطة الأمم المتحدة في ديسمبر 2015 إلى تشكيل حكومة وفاق وطني غير منتخبة تضم عناصر مهمة من الإخوان، واعتراضًا على تأثير الإسلاميين على الحكومة، رفض مجلس النواب الليبي منح حكومة الوفاق الوطني التصويت بالثقة المطلوب بموجب الاتفاقية، ويعترف المسؤولون الأمريكيون بحكومة الوفاق الوطني باعتبارها الحكومة الشرعية في ليبيا مع أن حكومة الوفاق الوطني لم تتبع شروط اتفاقية الأمم المتحدة.
في عام 2017 أدرجت لجنة بمجلس النواب الليبي عُميش على قائمتها للإرهابيين المرتبطين بالإخوان المسلمين والقاعدة، وقد قال عضو البرلمان الليبي السابق [عبد الـ]منعم اليسير، وهو زميل سابق لعُميش، للمشروع الاستقصائي حول الإرهاب IPT: إن عُميش أسَسَ عديدًا من المنظمات الليبية الأمريكية التي ضغطت لصالح جماعة الإخوان المسلمين، ومنذ ذلك الحين، فقدت عديد من تلك المنظمات فاعليتها.
إلّا أن التحالف الليبي الأمريكي (LAA) ظل نشطًا، إذ روَّج لـ "قانون استقرار ليبيا" في مجلس الشيوخ الأمريكي برعاية كريس كونز؛ (عضو الحزب الديمقراطي - ديلاوير)، وماركو روبيو؛ (عضو الحزب الجمهوري - فلوريدا)، وليندزي جراهام؛ (عضو الحزب الجمهوري – كارولينا الجنوبية)، وحث التحالف أنصاره على الاتصال بأعضاء الكونجرس، مقترحًا أن يقولوا إن مشروع القانون "سيوضح السياسة الأمريكية في ليبيا، وسيحاسب من يزعزعون استقرار ليبيا ويرتكبون انتهاكات حقوق الإنسان"، وكان لنسخة مجلس النواب 11 راعيًا، من بينهم الديموقراطيان توم مالينوفسكي – نيوجيرسي، وتِد ليو – كاليفورنيا، ومن بين الرعاة الجمهوريين المشاركين آدم كينزينجر – إلينوي، وجو ويلسون – كارولينا الجنوبية.
لم يُتَّخَذْ أي إجراء في كلا المجلسين منذ تقديم مشاريع القوانين في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، ولكن التحالف الليبي الأمريكي ركَّز ضغطه لمصلحة مشروع القانون الذي يدعم حكومة الوفاق الوطني؛ المدعومة من الولايات المتحدة ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر؛ المدعوم من مصر والإمارات العربية المتحدة.
وفقًا لسجلات لجنة الانتخابات الفيدرالية، قدمت عُميش مساهمات قدرها 2100 دولار لحملات مالينوفسكي منذ 2018، وقد ظهر مالينوفسكي مع عُميش في يوليو / تموز الماضي في حدث خاص بالتحالف الليبي الأمريكي للإعلان عن دعوى قضائية فيدرالية ضد حفتر بسبب أضرار جرائم الحرب، وخلاله تحدث مالينوفسكي والنائب الأمريكي جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا) ضد حفتر أثناء جلسة استماع بشأن ليبيا في مايو 2019، وقد تلقى كونولي 6700 دولار مساهمات من عُميش منذ عام 2014.
من المحتمل أن ينال عُميش مبتغاه دون مساعدة من الكونجرس؛ فقد عانت قوات حفتر من هزائم كبيرة، وتقول التقارير إنها طُرِدَت من طرابلس، زفي تلك الأثناء اجتذب التحالف الليبي الأمريكي 30 شخصًا إلى اجتماع عبر شبكة الإنترنت أداره عُميش في 20 مايو مع رئيس مجلس الدولة الليبي في حكومة الوفاق الوطني خالد المشري، ونفى المشري علاقات حكومة الوفاق الوطنية بالإسلاميين والجهاديين، وحضر الاجتماع ممثلون من مراكز الفكر المؤثرة، بما في ذلك معهد الشرق الأوسط ومعهد كاتو ومدرسة جون هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة (SAIS)، وحضر أيضًا كوكب صديق، الأستاذ الأصولي في جامعة لينكولن الذي دافع عن تطبيق عقوبة الإعدام ضد المجدفين، كما التمس الأعذار دفاعًا عن داعش.
وقال المشري "للأسف، يصف الفرنسيون حكومة الوفاق الوطني، وكذلك القوات العسكرية التابعة للحكومة، وعديد من مدن الغرب الليبي ... بأنها واقعة تحت تأثير الإسلاميين، إن إسلامنا صيغة تعددية معتدلة من الإسلام"، وقد شارك المشري في تأسيس حزب العدالة والبناء؛ الجناح السياسي للإخوان المسلمين الليبيين، لكنه ترك الإخوان في العام الماضي.
ينفي عُميش علمه بأن الأشخاص الموجودين في منشوره جهاديون، وربما يكون ذلك صحيحًا، لكنها صدفة غريبة أن نرى مؤيدًا للإخوان المسلمين يمتدح الفلسطينيين لاختيارهم "طريق الجهاد" باعتباره مسار التحرير ويدمج سهوًا ثلاثة جهاديين في بوستر التهنئة بالعيد.